الرياضة في حياة الاميرعبداللة الفيصل رحمة اللة

تشرب الأمير عبد الله الفيصل عشق الرياضة منذ نعومة أظافره، خاصة بعد أن انتقل إلى مكة المكرمة في سن السادسة، فشغف حباً بكرة القدم وركوب الخيل - حيث وصفه فرسان عصره أنه فارس لا يشق له غبار - واهتم بتربية الخيل وبسباقات الفروسية.

ومن فرط عشقه للرياضة أسندت إلى سموه، وهو لم يبلغ العاشرة رعاية نهائي كأٍس ابن ياسين في شعبان عام 1351هـ الموافق ديسمبر عام 1932م، وكانت المباراة بين الأهلي و ملايو الحجاز وهما من فرق مكة المكرمة، وتوج الأهلي بالكأس من يد سموه بعد فوزه 3/1.

واستثمر سموه حب جده الملك المؤسس له في دفع انطلاقة الرياضة السعودية بالمملكة، ممثلة في كرة القدم، وسخر جهوده لها في تلك الفترة، حتى جعل لها وجوداً رسمياً منظماً في شهر صفر عام 1366هـ الموافق يناير 1947م، وشرفت الرياضة بعد ذلك برعاية جلالة الملك عبد العزيز والأمير فيصل بن عبد العزيز - رحمهما الله - وقيامهما بتقديم الجوائز والكؤوس في مدينة الظهران.

لقد كان للأمير عبد الله الفيصل أيادٍ بيضاء على تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، ولا غرابة في هذا الإطار أن يطلق على سموه رائد الرياضة السعودية.

بعد تولي سموه وزارة الداخلية أسس فيها أول إدارة خاصة للإشراف على الرياضة والشباب والكشافة في المملكة عام 1372هـ الموافق 1952م، وكلفها بتنظيم وتصنيف اللاعبين وتسجيلهم، ثم أوكل إليها تنظيم أول دوري للكأس في جمادى الأولى عام 1377هـ الموافق ديسمبر 1957م.

ومما يسجل لسموه من منجزات أنه صاحب فكرة منتخبات المناطق، عندما وجه بتشكيل أول منتخبين أحدهما لمنطقة مكة المكرمة والآخر للمنطقة الشرقية يتباريان على كأس سموه في يوم الجمعة 29/6/1372هـ الموافق 13/3/1953م.

و يعود إليه الفضل في تبني إقامة أول دوري رسمي منظم لكرة القدم في المملكة على كأس سموه في منطقة مكة المكرمة في شهر رجب عام 1372هـ الموافق مارس 1953م.

وفي عام 1374هـ الموافق 1955م شكل سموه أول مجلس إدارة للاتحاد السعودي لكرة القدم للإشراف على تنظيم المباريات، وجاء تحت اسم اللجنة العليا لاتحاد كرة القدم.

واهتم سموه بتأسيس قاعدة وطنية للتحكيم، وابتعث الكوادر الوطنية عام 1375هـ الموافق 1955م لدورات تحكيمية، كما شكل لجنة لمراقبة الحكام، وأمر بإنشاء صندوق للاعبين وافتتح التبرع لهذا الصندوق حينها بثلاثة آلاف ريال.

ولم يقتصر دعم سموه للرياضة على النطاق المحلي، بل تجاوز ذلك إلى تبني إقامة المباريات التي تدعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية مثل تلك التي أقيمت لصالح فلسطين وشهداء بور سعيد.

وتدعيماً لنشأة كرة القدم والرياضة السعودية تم الرفع لإلتحاق المملكة كعضو أساسي رسمي في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» حيث تم قبول المملكة قبولاً ابتدائياً في ديسمبر 1955م، وأعلنت الموافقة الرسمية للفيفا بقبول المملكة عضواً رسمياً في 27 شوال 1375هـ الموافق السادس من يونيو 1956م، وفي العام الذي يليه شهد أول تمثيل خارجي للرياضة السعودية بعد أن وافق الأمير عبد الله الفيصل على اشتراك المملكة في البطولة العربية الثانية التي أقيمت في بيروت خلال شهر ربيع الاول 1377هـ الموافق أكتوبر 1957م، ومثل المملكة فيها ثلاثة فرق هي: كرة القدم، كرة الطائرة، كرة السلة.

وبعد أن حازت الرياضة السعودية تحت إدارة سموه على عضوية (فيفا)، ووصلت إلى مراحل التمثيل الـخارجي، اعتمد قيام ثلاث بطولات لكرة القدم السعودية هي:

كأس جلالة الملك لفرق الدرجة الأولى ويكون اللعب فيها بطريقة الدوري العام من دورين، ويسمح فيه بمشاركة (4) لاعبين أجانب.

كأس سمو ولي العهد للاعبين الوطنيين فقط، واللعب فيه بطريقة خروج المغلوب.

بطولة وزارة الداخلية - الجهة الراعية للرياضة السعودية آنذاك - وتخصص لفرق الدرجة الثانية بطريقة الدوري العام، كما أقر سموه نظام الإعانة للأندية.

أنشأ إدارة مستقلة للعناية بالرياضة فنياً وتنظيمياً بوزارة الداخلية منتصف عام 1372هـ الموافق مارس 1953م.

اعتمد أول ميزانية للرياضة وكان قدرها 50 ألف ريال سعودي.

أشرف على نشر القوانين بين الأندية وتنظيم المسابقات والبطولات وإعداد الحكام القانونيين ومراقبتهم وابتعاثهم للخارج.

عمل على إعداد الملاعب القانونية واستقدام المدربين وتمثيل المملكة في المؤتمرات والدورات العربية.

استقدم العديد من الفرق الخارجية لتقابل فرق المملكة رغبةً في الاحتكاك والاستفادة من الخبرات مثل فريق الصحة المصري الذي كان يضم أبرز نجوم الكرة المصرية حينذاك.

تعاقد مع أبرز خبراء الكرة المصرية بعد نهائيات كأس العالم 1353هـ /1934م أمثال مصطفى كامل.

استثمر الخبرات الوطنية، وأنشأ اللجنة الأولمبية السعودية محلياً باسم «اللجنة الاستشارية العليا» لدراسة السياسة العامة للرياضة وتقديم المقترحات، تشكلت من الشخصيات الرياضية ورؤساء الأندية.

تحرك العشق الأهلاوي في جوانح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل عام 1380هـ /1960م بعد عامين من استقالته من وزارة الداخلية، وبدأ بإعادة النادي الأهلي بجدة وإعداده كنادٍ نموذجي في جميع الألعاب رغبةً في تقوية المنافسة الشريفة بين الأندية السعودية لتصب في مصلحة الوطن.

عاد سموه وترأس -خلال مشواره الرياضي الحافل- الاتحاد السعودي لكرة القدم واللجنة الأولمبية السعودية، مرة أخرى منذ أوائل عام 1389هـ الموافق أوائل 1969م أشرف خلالها على تأهيل المنتخب السعودي في الدورة الثانية لدورة الخليج التي احتضنتها الرياض في ربيع الأول 1392هـ الموافق مارس 1972م.