التطور التاريخي للمبارزة

أولا : المبارزة في عصور ما قبل التاريخ
اضطر الانسان البدائي إلى اختراع الأسلحة ليدافع بها عن نفسه ضد الحيوانات أو ليهاجمها لاصطيادها والحصول علي الغذاء ، وقد مرت الأسلحة بدرجات مختلفة من التطور. وبتقدم التاريخ بدا الإنسان يتصل بغيره فتكونت الأسر والقبائل والجماعات وبدأت هذه القبائل والجماعات في الدفاع عن أفرادها وممتلكاتها فظهرت الأسلحة الهجومية والدفاعية وأخذت تتطور مع الزمن فاستخدم البلط والدروع والعصي والرماح
ثانيا : المبارزة في العصور القديمة
أ- عصر الفراعنة
أن دراسة الآثار الفرعونية تدل على اهتمام الفراعنة بالمبارزة وخاصة بالسيف ولقد ولع المصريون القدماء بمختلف أنواع المبارزة منها ما هو على القوارب بين الصيادين إلى المبارزة باستخدام سيقان البردي واستخدام السيوف ولم يقتصر الأمر على التدريب فقط بل كانت تقام لها مسابقات محلية ودولية والصور الموجودة في سقارة والأقصر بمصر اكبر دليل على ذلك، ويرجع سجل أول مباراة مبارزة إلى قدماء المصريين حيث ظهر ذلك في نقوش بمعبد بمدينة( حور ) قرب الأقصر وهو من عصر الملك رمسيس الثالث حوالي عام(0 119ق. م ) .

حيث ظهر فيها المبارزان ممسكين بأسلحة مغطاة عند طرفها مرتديان
أقنعة لحماية الوجه تشبه إلى حد كبير الأقنعة الحديثة كما ظهر بالنقوش
المشاهدون والحكام الذين أمكن التعرف عليهم عن طريق ملابسهم
وعصا طويلة في نهايتها ريشة الطاووس عرف بالعصا ذات الريشة لا
يمسكها إلا القضاة والحكام. وفي عام (1300ق م) تم اكتشاف رسم آخر
للمبارزة بالسيف في معبد هابو بالأقصر.
ب ـ الفرس والإغريق والرومان
خاض الفرس والإغريق والرومان الكثير من الحروب التي تتطلب الاهتمام بالتدريب على المبارزة وقد أجادوا المبارزة وفنونها وبرعوا فيها . وكان المبارزون يستخدمون أنواعا مختلفة من الأسلحة كالسيف والدروع سواء على الأرض أو على ظهور الخيل .
وكان الرومان يستخدمون السيوف الثقيلة ويحمون أجسامهم بالملابس الثقيلة ولهذا كانت المبارزة تتطلب مبارزا شجاعا قويا .
ثالثا : المبارزة في العصور الوسطى
كان سقوط الإمبراطورية في الغرب عام ( 476 م) إيذانا ببدء فترة تعرف في التاريخ باسم العصور المظلمة امتنع الناس فيها عن ممارسة ومشاهدة الألعاب التي تتسم بالعنف واعتنقوا الروح وابتعدوا عن الجسد وامتنع الناس عن ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها بما فيها المبارزة.
أما في شبه الجزيرة العربية فقد اختلف الأمر حيث اتجه الإسلام إلى نشر المبارزة لما تطلبته الحروب والفتوحات الإسلامية فبرع العرب في فنون القتال بالسيف
رابعا : المبارزة في العصور الحديثة
في القرن الرابع عشر ظهر البارود فكان له الأثر البالغ في تحويل المبارزة من ميادين القتال والحروب إلى ميادين أخرى من أهمها الرياضة . و في العصور الحديثة حدثت تطورات كثيرة في فن المبارزة في الملابس والأدوات والملاعب وفي فنون وخطط اللعب.
ففي القرنين الخامس والسادس عشر الميلادي تحولت المبارزة إلي الميادين الرياضية ووضعت لها النظم والقوانين وفتحت المدارس في الخفاء لإعطاء الدروس بواسطة المدربين المحترفين وظهرت بعض المؤلفات أولها عام 1410 للإيطالي (الفيوري دي ليبري ) ثم ظهر مخطوط ألماني عام 1443م وعنوانه كتاب المبارزة (تالهوفر) .
وقد انتشرت المبارزة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا وانتشر الكثير من المدارس علنا وكان يديرها مبارزون محترفون حتى كانت المبارزة من اكثر الرياضات انتشارا .
وفي أواخر القرن السادس عشر الميلادي توصل الإيطاليون إلى اختراع سلاح الشيش واستخدم في الهجوم والدفاع واستجدت حركات أخرى كالطعن وحركات القدمين وكذلك تطور الملعب فبعد كونه مربعا جاءت فكرة تحديده إلى أن وصل إلى

المبارزة عند العرب فى الجاهلية وصدر الاسلام :
كان الامر مختلفا تماما فى تلك الفترة الزمنية فى شبه الجزيرة العربية، حيث اتجه الاسلام الى نشر المبارزة لما تتطلبه الحروب والفتوحات الاسلامية من رجال اقوياء أشداء قادرين على حماية عقائدهم والزود عن دينهم والدفاع عنه ، فبرع العرب قبل الاسلام وبعده فى استخدام السيف والفروسية وكانت هناك أربع مهارات يجب ان يتقنها الشخص حتى يصبح فارسا وهى:
1ـ ركوب الخيل والكر والفر بها.
2ـ الرمي بالقوس.
3ـ المطاعنة بالرمح.
4 ـ المداورة ( المبارزة ) بالسيف.
ولقد ظهرت على امتداد العصور الجاهلية وصدر الاسلام أسماء فرسان اشتهروا بمهارتهم الفائقة فى استخدام الاسلحة ،وساهموا في الدفاع عن كيانهم ضد المغيرين من اعدائهم ، ولقد تغنى الشعراء وتباهوا بفروسيتهم ودقة صنعها.
وكان العرب يطلقن بعض الاسماء على السيوف منها ( الحسام ،المهند ، الابيض ،….. الخ )وبعضها كان له شهرة تاريخية . فلقد كان لرسول الله صلى الله علية وسلم سيفا قد غنمه يوم موقعة بدر الشهيرة يسمى ( ذو الفقار )ولقد صار لعلى ابن ابى طالب من بعده ، وكانت للسيوف اشكالا عدة فمنها الطويل المستقيم ذو الحدين ، ومنها المقوس وهو ذو حد واحد ، كان العرب يتفننون فى تزيين مقابض وأغماد سيوفهم بالنقوش والاحجار الكريمة.
ولقد عرف عند العرب الكثير من الابطال المتميزين في استخدام السيف منهم ( عنتر بن شداد ) ، ( القعقاع بن عمر ) ، ( على بن على طالب )، ( عمر بن الخطاب ) ، ( حمزة بن عبد المطلب ) ، ولقد أولى الرسول الكريم صلى الله علية وسلم المتصفين بالشجاعة اهتماما بالغا اذ لقب القائد الشجاع ( خالد بن الوليد ) باسم السيف فأطلق علية ( سيف الله المسلول ) تقديرا لبطولاته العسكرية وشجاعته المتناهية .
اختراع القناع
وحدث هذا التطور الخطير في فن المبارزة وخططها باختراع القناع على يد الفرنسي ( ليبول سيرز ) وبهذا الاختراع اصبح من المستطاع القيام بكثير من الحركات المتتابعة والمتبادلة بين المتبارزين دون توقف فتكونت جملة المبارزة وتمكن المبارز من تكملة هجومه والرد المعتاد وتكرار الهجوم وبذلك وضعت القوانين الخاصة بالمبارزة كما نعرفها اليوم.